
فك ارتباطك بالأهداف المستحيلة سبيلك للتخلص من الاكتئاب
تحيط بالأمراض العقلية الكثير من علامات الاستفهام والاتهامات الموجهة إلى من يعانون منها، ويعتبر الاكتئاب واحداً من هذه الأمراض النفسية المحاط بهالة من السلبية، إذ ينظر البعض إليه على أنه عيب أو نقص، مع ترجيحات البعض بأن من يعاني من الاكتئاب لديه خلل في العقل البشري، إلا أن الباحثين في جامعة جينا في ألمانيا يفسرون الاكتئاب على أنه وسيلة تساعد الفرد على التعايش وعدم إضاعة الوقت، خصوصاً عندما يتعلق الأمر بالتخلي عن أهداف يصعب علينا تحقيقها.
ونقل موقع «ميديكال دايلي» عن الباحثة المشرفة على الدراسة كاترينا كوبي أن الشخص الذي يتخلى عن أصعب الأمور تحقيقاً يفوز، حتى وإن كانت هذه القاعدة مناقضة لأسس النجاح والإصرار، إذ أنه لا يعمل على تضييع طاقته وجهده في السعي وراء ما يعرف تماماً بأنه لن يتحقق.
وتشير كوبي إلى أن قدرة الإنسان على فك ارتباطه بأهدافه تعتبر من أهم التكتيكات التي تساعده على التكيف مع الاكتئاب، إذ أنها تساعده على التقليل من الضغط الذي يشعر فيه، فإذا كانت الفجوة بين أهدافنا الشخصية والإمكانات الموجودة على أرض الواقع لتحقيقها واسعة جداً، ففي هذه الحال يعتبر الحل الأفضل هو أن نعمل على فك ارتباطنا بهذا الهدف والتخلي عنه.
وغالباً ما يعاني الأفراد من الاكتئاب نظراً إلى فشلهم في تحقيق هدف ما، خصوصاً إن كانوا أضاعوا الكثير من الجهد لتحقيق هذا الهدف، أو قضوا وقتاً طويلاً في انتظار تحققه.
وبينت أبحاث سابقة أن الاكتئاب هو رد فعل تكيفي طبيعي لدى الحيوانات، إذ جرب العلماء رمي الفئران في الماء، وكان رد الفعل الأول منهم هو محاولة السباحة بقوة، إلا أنه بعد مرور بعض الوقت حاولت الفئران الحفاظ على طاقتها من خلال الطفو فوق الماء، لأن محاولاتها في السباحة بقوة لم تؤد إلا إلى فقدها لطاقتها ومضاعفة إمكان غرقها.
وجاء في الدراسة الجديدة التي نشرت في دورية العلاج السلوكي والتجريبي في الطب النفسي، أن كوبي وزميلها كلاوس روثيرماند قارنا بين المرضى المصابين بالاكتئاب وأشخاص آخرين لا يعانون منه في حل مسائل رياضية ولغوية، إذ تضمنت لائحة الأسئلة مسائل لا يوجد لها حل، وبينت النتائج أن المرضى الذين يعانون من الاكتئاب قضوا وقتاً أقل في محاولة حل هذه المسائل، بينما أسرف الذين لا يعانون من الاكتئاب وقتهم في محاولة حل هذه المسائل.
وذكر الفريق أن للاكتئاب آثاراً إيجابية على الفرد، إذ أن قلة الدافع التي يصاب به الشخص المكتئب تجعله لا يرغب في تضييع وقته للبحث عن حلول، أو للتعلق في أهداف يصعب تحقيقها، موضحين أن قلة الدافع هذه من الممكن أن تستخدم في العلاج النفسي، عبر مساعدة من يعاني من الاكتئاب بوضع لائحة بأهدافه التي لا يستطيع تحقيقها ومن ثم مساعدته على فك ارتباطه فيها للتقليل من وطأة الاكتئاب على نفسه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق